ورقه و قلم
ورقه و قلم

Friday, January 16, 2009

ملكة النحل و المرآه







أخذت تجوب الغرفه ذهابا و ايابا..
تكره الأنتظار..تبا لهم هؤلاء الحراس..ألا يعلموا ان شغفها لرؤيتها سيقتلها


تذكرت حين جائها هذا البائع القادم من بلاد بنو آدم و قال لها ان لديه مبتغاها
مرآه..مرآه تحمل الحكمه و العلم...المعرفه و الفكاهه..
قفذت فى شغف و صفقت جناحيها و امرت ان يأتيها بها
فهذه هى المواصفات المثلى التى كانت تبحث عنها دائما



فلقد ملت المهرج صديقها القديم
اصبحت كلماته لا تضحكها
إعتقدت يوما انه مبتغاها
و لكنها اكتشفت انه مثل الحكيم..العالم..و الشاعر
جميعهم يفقدون بريقهم مع الوقت
و لكن هذ المرآه مختلفه...بها كل الصفات التى طالما بحثت عنها


و اليوم هو يوم اللقاء
لم تستطع النوم البارحه
اخذت تتخيل لقائهم
حياتهم معا
السعاده التى سيجدها كل منهم فى رفقة الاخر

و أخيرا
جائها الحارس مستئذنا يعلن وصول المرآه
تقدمت باتجاه باب القصر لاستقبالها و شغفها يسبقها
بالفعل هى كما قال البائع
لم ترى مثيل لها من قبل
و أنقضت أيامهم الأولى معا فى حديث لا ينقطع
تحدثوا فى كل شىء..فى العلم و الشعر و الفكاهه


قالت المرآه يوما:حديثينى ملكتى عن مملكتك..أصدقائك..فمنذ قدومى إليكى و نحن نجلس معا..لا أرى الأخرين..لا أجدك تتحدثى إلا معى

الملكه:عزيزتى انتى الصديقه و الرفيقه..فما حاجتى للأخرين؟؟ جميعهم لم يشبعوا شغفى يوما..أعطيتهم جميع الفرص..لكن الملل كان هو كل ما أجده فى نهاية المطاف

المرآه:سمعت ملكتى أنك كان لكى صديق..شاعر مفضل..يخط لكى الشعر كل يوم أهذا صحيح؟؟

الملكه مبتسمه فى عظمه:صحيح..قابلته منذ عامين او اقل..سحرتنى كلماته..كنا نسهر كل يوم حتى الشروق..كان يلقى على كل يوم قصيده كتبها لأجلى..مضت الأيام..و تشابهت القصائد..لم أعد أشعر عندما أسمع كلماته بشىء..و كأنها ألقت على من قبل.
.أرجعت جناحيها للخلف و قالت و عيناها تنظر لسقفها الشمعى:.و هنا ظهر المهرج فى حياتى و ظننت انه مبتغاى
لكن للأسف كان كسابقه.

المرآه:و بعده كان الحكيم..ثم العالم أليس كذلك؟

الملكه ضاحكه:أراكى عزيزتى قد اطلعتى على تاريخ مملكتى جيدا

المرآه:هو تاريخك أنتى ملكتى..أما المملكه فلها تاريخ مختلف

الملكه و قد إعتدلت فى جلستها و نظرت للمرآه نظرة حاده: تاريخى هو تاريخ مملكتى..يكتبه شعبى على الجدران الشمعيه كل يوم..مسجلين ما أفعله لأجلهم..كفاحى و أنتصاراتى
ثم استطردت و هى تنفض جناحيها فى علياء:يبدو أنك أيتها المرآه لم تعاشرى ملوك من قبل


المرآه و قد رسمت علي سطحها إبتسامه ساخره حاولت جاهدة ان تخفيها:يبدو كذلك ملكتى..حدثينى عن كفاحك من أجل شعبك..قصى على قصص إنتصاراتك..خبرينى كيف تم أختيار المكان الشرقى لإنشاء مخزن العسل..حدثينى مليكتى و لا تبخلى على بالقصص


الملكه و قد إتخذت وضع الخطابه:أما عن كفاحى..فأنا أعجب أنكى لم تقرأيه على الجدران الشمعيه..فهو حولك فى كل مكان..فى كل موسم تكاثر أكافح لأتى لهذه المملكه بالمزيد من النحل..أتحمل الكثير و الكثير..و برغم الملل الذى يحيطونى سواء من ذكور النحل او من الأصدقاء إلا أننى أضع المملكه همى الأول
و تأتى إنتصاراتى بإنجاب جيل جديد من النحل ..يبنى مجد المملكه..و يخط إنتصاراتى و كفاحى على جدران شمعيه جديده
اما عن اختيار المخازن و غيرها من الأشياء فهذه عزيزتى مهنة الخدم..و ليست تليق بالملوك

المرآه:أعذرى جهلى مليكتى..حدثينى عن ذكورك إذا؟؟..أعلم أن مصيرهم جميعا الموت..أفلم تقابلى ذكر منهم مس قلبك فعفيتى عنه من عقوبة الموت بتهمة حبك ؟

الملكه ماطه شفتيها : ذكورى مهمتهم الموت يا عزيزتى..أعلم أنهم أحبونى جميعا..لكن ليس بيدى أن أغير أحكام المملكه..ثم قطبت قرون إستشعارها و أستطردت:أحب ذكر منهم؟؟و أنقذه من الموت..؟؟يحيا معى؟؟؟اكثر من يوووووووم؟؟؟
يالا الملللل

المرآه تقول و الغيظ يقتلها:أرى أن الملل مليكتى هو دائك..ألم تفكرى يوما فى إستشارة طبيب؟؟

الملكه و قد إتسعت عيناها و قالت صارخه:ويحححك..أتدعين أنى مريضه؟؟أتريدين هز أمن مملكتى؟؟الملل ليس دائى.. لا دخل لى به ..الملل يسببه الأخرون..فما حاجتى انا للطبيب..دعى الطبيب يعالجهم هم.. ينزع منهم جينات التكرار..و الرتابه و الملل

المرآه تشرح وجهة نظرها:مليكتى..التكرار و الرتابه و الملل هم من سنن الحياه..ففى دنيا بنى آدم من حيث أتيت يعانون منهم جميعا..لكن لا يصل بهم الحال إلى تغير الذكر كل يوم و الصديق كل ثلاثة أشهر..ما أريد قوله مليكتى أن الملل هو مرحله من مراحل اى علاقه إنسانيه..و كلمة مرحله فى حد ذاتها تعنى انها ليست النهايه..أنها يتبعها مراحل أخرى..لا يمكن ان تتوقف علاقاتك مع الأخرين مع أول ناقوص للملل.

الملكه و قد ضاقت بفلسفة المرآه:لا أرى لحديثك معنى..فإذا كانوا فى دنيا بنى أدم يتحملوا الملل و الرتابه فيمكن لانهم ليس لديهم أختيار..أما أنا..فأنا الملكه..كل الذكور تسعى إلى..و كل المحيطون بى يبغوا صداقتى..فلا حاجة لى أن أتحمل و أمر بمراحل و كل هذا الهراء

المرآة قائله :إذا مليكتى ستملينى أنا يوما..و تأمرى بإلقائى فى مقلب النفايات كالأخرين

الملكه:هذا شىء بيديكى انتى..فأعملى جاهده على أن تقتلى الملل و ستظلى صديقتى للأبد.

المرآه فى سخريه:للأبد؟؟يبدو لى أن أبدك أقصرمن طرفة عين مليكتى..يوما ما ستنتهى الحكايات و تنضب..و ستستبدلينى بصديق جديد..و تظلى فى هذه الدائره..من صديق لصديق..و من ذكر لذكر...حتى تتخلصى من كل من يصلح أن يكون صديق..من كل الذكور..و حينذاك مليكتى ستشعرى بشىء جديد..شىء أسواء من الملل..الوحده..الوحده مليكتى..ستقتلك
أما أنا فسأختار نهايتى بيدى..لن أنتظر أن تأمرى أنتى بها..من اليوم ليس لدى لكى اى حكايا جديده..فألقى بى فى مقلب النفايات..و سأجد هناك أصدقاء نحيا معا..حياة ذات مراحل..ربما سيعتريها يوما الملل و الرتابه...لكن فى نهاية اليوم سينام كل منا ملأ العين و هو يعلم أن غدا سيستيقظ و صديقه بجانبه.

الملكه صارخه:يا حرااااااااااااس..ألقوا بهذه المجذوبه فى النفايااات..فلتتذوقى كل ما تريدى أيتها المرآه من ملل و رتابه..و لتموتى ندما على شرف صداقتى الذى لن تحظى به..و على تركك قصرى..هنيئا لكى بالنفايات فكلاكما تليقا بالأخر

رحلت المرآه فى صمت..جلست الملكه لبضع دقائق ثم نادت على الحراس مرة أخرى..قالت فى علياء و جناحيها للوراء:أتذكر أنكم كنتم حدثتمونى يوما عن ذلك الساحر الذى يعلم الكثير من الألعاب الشيقه
أريدكم أن تأتونى به..قولوا له أن الملكه قد أختارته أن يكون صديقها الجديد.

ذهب الحراس و أراحت هى جناحيها و أخذت مرة اخرى تفكر فى حياتها مع الساحر
و فى السعاده التى سيجدها كل منهم فى صحبة الآخر للأبدددد


_________________________________________________

الصوره بعدسة يحيى العلى.

Posted by big big girl...in a big big world :: 3:48 PM :: 0 comments:

إتفضل الورقه و القلم

---------------------------------------