ورقه و قلم
ورقه و قلم

Tuesday, December 26, 2006

صاحب العقل الكبير

كان يكابر دائما, يدعى القوه و القسوه, يقول ان المشاعر و الاحاسيس هم ملاذ الضعفاء.كانت حياته

محسوبه كما يقولون بالورقه و القلم لا مجال لتدخل القلب, فهو لم يدق قلبه بحب احد من قبل حتى ابيه و

امه اللذان يعيشان فى دوله من دول الخليج كانت مشاعره نحوهم هى فى اضيق الحدود التى تتطلبها

البنوه.و كان الكل يشيد به فى عمله فهو من المتفوقين دائما لا يسمح لاحد ان يسبقه او يتفوق عليه فى

شىء.حتى جاء هذا اليوم الذى كلفه فيه مديره ان يذهب الى جمعيه من الجمعيات الخيريه ليعطيهم مبلغ من

المال, ذهب و هو يستعجب من حال مديره و كيف يعطى ماله من لا يستحق.وصل الى هناك و سأل عن

رئيس الجمعيه و لم يجده فقالوا له يمكنك انتظاره فهو سيعود خلال نصف ساعه على الاكثرصعد الى

الطابق العلوى و هو متأفف من أضاعة وقته الثمين فيما لا يفيد حتى رأه.....وقعت عيناه على طفل صغير

يضحك بصوت مرتفع جداا نظر له مستنكر و لكن الطفل اخذ يضحك و يضحك و هو ينظر الى السماء.و

بعد لحظة سكون وجد الطفل يبكى و ينتحب, ما به هذا الطفل الصغير..ذهب اليه و جلس امامه و سأله ما

بك؟ فنظر له الطفل كأنه ينظر الى سراب و لم يجبه فى هذه اللحظه اتت مشرفه من مشرفات الجمعيه فقال

لها ان هذا الطفل اخذ يضحك ثم اخذ يبكى و هو لا يعلم ما لما فأجابته انه يدعى طارق و انه من الاطفال

المعاقين ذهنيا الذين تقوم الجمعيه برعايتهم صدم كثيرا فالطفل رائع الجمال صاحب اجمل عينين راهم من

قبل و اصفى ابتسامه فسالها كيف انه يبدو طبيعى؟ قالت ان ما لديه من اعاقه تسمى بحالة التوحد اى انه لا

يسمح لاحد بان يقترب منه و اذا كلمته لا يسمعك و لا يصغى لك فهو يعيش فى هذا العالم بمفرده.اخذ ينظر الى طارق و هى تحدثه كم شعر انه يشبهه ووجد قشعريره غريبه تسرى فى جسده.ترك المشرفه و ذهب

الى طارق لا يتحدث معه و انما ينظر الى عينيه, وجده يبتسم ثانيا فابتسم فوجده يضحك بصوت مرتفع و

هو يرفع ذراعيه فى الهواء فوجد نفسه يفعل مثله بدون اراده و بلا وعى و لكن طارق اكتست عيناه بالدموع

فجأه و اخذ ينتحب فوجد نفسه يقاوم دموعه بصعوبه و يقول له و هو يربت على كتفيه طارق ما بك؟ ما

بك.. لا تحزن و اخذ يحاول ان يضحكه و لكن نظرة الخوف و الحزن فى عيون طارق كانت اقوى من

كل محاولاته و اخيرا وجد دموعه تنساب مع دموع طارق و لم يفق الا عندما وضعت يد على كتفيه و قال

صاحبها قليلا ما نجد مثلك من اصحاب القلوب الرحيمه.انتفض فى عنف و ادرك ان هذا هو رئيس الجمعيه

و ادرك ان دموعه تنسال على وجنتيه.قام من مكانه و حاول ان يتمالك نفسه و هو لا يدرى ماذا يقول غير

انه اعطى الرجل المال و انصرف مسرعا.رجع الى بيته و هو يفكر ماذا حدث له اين عقله؟؟؟ كيف سمح

لاحد ان يرى دموعه؟ماذا حدثث و اشتعلت نفسه بغضب شديد و لكنه قال لكل جواد كبوه و وعد عقله ان هذا

لن يتكرر ثانيا.و بالفعل مضى اسبوع و هو مستغرق فى عمله تماما حتى اتت هذه اللحظه و هو يقود عربته

متوجه الى عمله و اوقفته اشارة مرور,فوجد خياله يسرح و وجد صورة طارق تملىء عقله و اخذ يضحك

معه و صورته التى فى خياله تضحك و تضحك و تضحك و لم يفق ثانيا الى على اصوات الناس من حوله

غاضبه تريده ان يتحرك من مكانه.تحرك بالفعل و لكنه لم يذهب الى عمله بل توجه الى الجمعيه و صعد

مسرعا و سال عن طارق و وجده ذهب اليه فى شوق فرفع طارق راسه و تبسم له تعجب من ذلك و تسأل

هل يا ترى يتذكره..لا لا ان المشرفه قالت انه لا يرى و لا يسمع من حوله, و لكن متى كان الانسان يعلم

كل شىءكان طارق ممسك بورقه و قلم يرسم خطوط و ورود فحمله و امسك يده و اخذ يرسم معه و يحدثه

عن نفسه اخذ يحكى له ادق اسراره و طارق ينظر له نظرته المعتاده بعينيه البريئتين.و مضت الايام و كل

يوم يذهب الى طارق و يجلس معه يحدثه حينا و يلهو معه حينا و يبكى حينا آخر قد جعله طارق يتأمل حياته

و يعلم قيمتها و يشكر الله عليهاو لاحظ الجميع فى عمله تغير شخصيته فقد صار اكثر لطفا فى المعامله,

اصبح مهتم بالصلاه فى مواقيتها اصبح بشوش الوجه حلو الحديث و لكنهم لا يعلموا لما؟؟؟لا يعلموا ان الله قد

وضع فى طريقه طارق لكى يعلمه اشياء كثيره, اشياء كان يجهلها صاحب العقل الكبير.

Posted by big big girl...in a big big world :: 1:11 PM :: 0 comments:

إتفضل الورقه و القلم

---------------------------------------